قصص قصيرة
قصة قصيرة جدا
في
كلّ يومٍ أرى شيئاً مقروضاً في غرفتي، دفتراً، أوراقاً، منديلاً!! عرفت
أنّ فأراً هو الذي يعبث في غرفتي بلا خوفٍ أو رقيب، ماذا أفعلُ؟ فكّرتُ
طويلاً، رسمتُ قطّةً بأقلام ملوّنة، القطّة كانت فاغرةً لفاهها، ومكشرّةً
عن أنيابها، ووضعتها بصورة واضحة أمام مكتبي، وأمامها من الجهة الثّانية
مرآة، لكي تظهر على أنّها قطتين بدل قطّة واحدة. كلّ شيء كان سليماً في
غرفتي في اليوم الأوّل وضحكت، وكذلك بقيتْ حاجياتي بقيت كما هي في اليوم
الثّاني، ابتسمتُ وقلتُ في نفسي لقد انطلت اللعبة على الفأر، ولكن في اليوم
الثّالث وعندما عدتُ من المدرسة وجدتُ صورة القطة قد شطب عليها بالقلم
الأحمر بعلامة ×، ومكتوب تحتها بخطّ واضح، انخدعت بقطّتك المزيّفة هذه
ليومين فقط، ألا يكفي هذا! وهكذا عادَ الفأرُ إلى عملهِ السّابق في غرفتي،
وعدتُ أنا لأفكّر بخطّة جديدة للتخلّص منه.
قصة السمكات الثلاث
في
إحدى البحيرات كانت هناك سمكة كبيرة ومعها ثلاث سمكات صغيرات، أطلّت
إحداهنّ من تحت الماء برأسها، وصعدت عالياً، فرأتها الطيور المحلّقة فوق
الماء، واختطفها واحد منها، ثمّ التقمها، وأصبحت غداءً له! ولم يتبق مع
الأمّ إلا سمكتين! قالت إحداهما: أين نذهب يا أختي؟ قالت الأخرى: ليس
أمامنا إلا قاع البحيرة، علينا أن نغوص في الماء إلى أن نصل إلى القاع!
وغاصت السّمكتان إلى قاع البحيرة، وفي الطريق إلى القاع وجدتا أسراباً من
السّمك الكبير المفترس! أسرعت سمكة كبيرة إلى إحدى السّمكتين الصغيرتين،
فالتهمتها وابتلعتها، وفرّت السّمكة الباقية. إنّ الخطر يهددها الآن في
أعلى البحيرة وفي أسفلها! في أعلاها ستقوم الطيور المحلقة بالتهامها، وفي
أسفلها يأكل السّمك الكبير السّمك الصّغير! فأين تذهب؟ ولا حياة لها إلا في
الماء! لقد ولدت فيه، وبه نشأت. أسرعت إلى أمّها خائفةً مذعورةً، وقالت
لها:" ماذا أفعل يا أمّي؟ إذا صعدت اختطفني الطير! وإذا غصت
ابتلعني السّمك الكبير! "، قالت الأمّ:" يا ابنتي إذا أردت نصيحتي فإنّ خير
الأمور الوسط! ".
قصة المهر الصغير
كان
في قديم الزّمان مهر صغير وأمّه يعيشان في مزرعة جميلة، وكانت حياتهما
هادئةً وهانئةً، يتسابقان تارةً ويرعيان تارةً أخرى، لا تفارقه ولا
يفارقها، وعندما يحلّ الظلام يذهب كلّ منهما إلى الحظيرة ليناما في أمان
وسلام. في يوم ما وعلى حين فجأة، ضاقت الحياة بالمهر الصّغير، وأخذ يشعر
بالملل، وبأنّه لم يعد يطيق الحياة في مزرعتهم الجميلة، وأراد أن يبحث عن
مكان آخر. قالت له الأمّ حزينة:" إلى أين نذهب؟ ولمن نترك المزرعة؟ إنّها
أرض آبائنا وأجدادنا ". صمّم المهر على رأيه وقرّر الرّحيل، فودّع أمّه،
ولكنّها لم تتركه يرحل وحيداً، بل ذهبت معه وعيناها تفيض بالدّموع، وأخذا
يسيران في أرض الله الواسعة، وكلما مرّا على أرض وجدا غيرهما من الحيوانات
تقيم فيها، ولا يسمح لهما بالبقاء، وأقبل الليل عليهما، ثمّ لم يجدا مكاناً
يأويا فيه، فباتا في العراء حتّى الصّباح، جائعين وقلقين، وبعد هذه
التّجربة المريرة قرّر المهر الصّغير أن يعود إلى مزرعته لأنّها أرض آبائه
وأجداده، ففيها الأكل الكثير والأمن، فمن ترك أرضه عاش غريباً
قصة الديك الشجاع
خرج
الدّيك مع أولاده الكتاكيت الصّغار للبحث عن طعام، فرح الصّغار بالنّزهة
الجميلة بصحبة الدّيك، فالدّيك شكله جميل ويلفت النّظر، والحيوانات تحبّه
لأنّه مسالم. قام الذّئب شرشر بتتبع الدّيك والكتاكيت، وهو يترقّب فرصةً
لخطف كتكوت صغير، كان الذّئب شرشر يخاف من الدّيك. قال الديك: يا أولادي،
لا تذهبوا بعيداً عنّي حتى لا تتعرضوا للخطر، لكنّ الكتكوت فوفو لم يسمع
كلام أبيه، ذهب بعيداً ولم ينتبه له الدّيك، فانتهز الذّئب شرشر هذه
الفرصة، وانقضّ على الكتكوت ليأكله، لكنّ الدّيك شعر بأنّ خطراً ما يداهم
ابنه، فبحث عنه، وجده بين يدي الذّئب، الدّيك لم يتكلم، لكنّه هجم على
الذّئب، واستخدم منقاره ومخالبه، الذّئب شرشر خاف وهرب، ثمّ عاد الكتكوت
فوفو إلى إخوته فخوراً بأبيه الدّيك. قام الدّيك بتحذير ابنه من الابتعاد
عنه مرّةً ثانيةً، فخجل الكتكوت من نفسه، ووعد بأن يسمع كلام أبيه، والذّئب
علم بوعد الكتكوت لأبيه، فقرّر ألا يهاجمه مرةً أخرى، والكتاكيت الصّغيرة
أصبحت عندما تخرج لا تبتعد عن بعضها، والذّئب شرشر كان حزيناً جدّاً، فقد
علم أنّ وحدة الكتاكيت ستمنعها منه، فقرّر مغادرة الغابة للبحث عن كتاكيت
جديدة لا تسمع كلمة أبيها
قصة الزرافة زوزو
زوزو
زرافة رقبتها طويلة، والحيوانات الصّغيرة تخاف منها مع أنّها لطيفة جدّاً،
فعندما تراها صغار الحيوانات تسير، تخاف من طول رقبتها التي تتمايل، وتظنّ
أنّها قد تقع عليهم، وأحياناً لا ترى الزّرافة زوزو أرنباً صغيراً أو
سلحفاةً، وذلك لأنّها تنظر إلى البعيد، وربّما مرّت في بستان جميل وداست
الزّهور فيه، فعندها تغضب الفراشات والنّحل. الحيوانات الصّغيرة شعرت
بالضيق من الزّرافة، ولكنّ الزّرافة طيبة القلب حزنت عندما علمت بذلك،
وأخذت الزّرافة تبكي لأنّها تحبّ الحيوانات جميعاً، لكنّ الحيوانات لم
تصدّقها. رأت الزّرافة زوزو من بعيد عاصفةً رمليّةً تقترب بسرعة من المكان،
ولكنّ الحيوانات لم تستطع رؤية العاصفة، وذلك لأنّها أقصر من الأشجار،
صاحت الزّرافة زوزو محذّرةً الحيوانات، فهربت الحيوانات لتختبئ في بيوتها،
وفي الكهوف، وفي تجاويف الأشجار. وبعد لحظات هبّت عاصفة عنيفة دمّرت كلّ
شيء، وبعد العاصفة شعرت الحيوانات أنّها كانت مخطئةً في حقّ الزّرافة زوزو
فصارت تعتذر منها، كانت الزّرافة زوزو سعيدةً جدّاً لأنّها تحبّهم جميعاً.
قصة العصفورين الصغيرين
التقى
عصفوران صغيران على غصن شجرة زيتون كبيرة في السّن، وكان الزّمان شتاءً،
والشّجرة الضّخمة كانت ضعيفةً، ولا تكاد تقوى على مجابهة الرّيح. هزّ
العصفور الأول ذنبه وقال: لقد مللت الانتقال من مكان إلى آخر، ويئست من
العثور على مستقرّ دافئ، ما أن نعتاد على مسكن وديار حتّى يداهمنا البرد
والشّتاء، فنضطر للرحيل مرّةً جديدةً، بحثاً عن مقرّ جديد وبيت جديد. ضحك
العصفور الثّاني، ثمّ قال بسخرية: ما أكثر ما تشكو منه وتتذمّر، نحن هكذا
معشر الطيور، خلقنا للارتحال الدّائم، وكلّ أوطاننا مؤقتة. قال الأوّل:
أحرام عليّ أن أحلم بوطن وهويّة، لكم وددّت أن يكون لي منزل دائم، وعنوان
لا يتغيّر. سكت قليلاً قبل أن يتابع كلامه: تأمّل هذه الشجرة، أعتقد أنّ
عمرها أكثر من مائة عام، جذورها راسخة كأنّها جزء من المكان، ربّما لو نقلت
إلى مكان آخر لماتت قهراً على الفور، لأنّها تعشق أرضها. قال العصفور
الثّاني: عجباً لتفكيرك، أتقارن العصفور بالشّجرة؟ أنت تعرف أنّ لكلّ مخلوق
من مخلوقات الله طبيعة خاصّة تميّزه عن غيره، فهل تريد أن تغيّر قوانين
الحياة والكون؟ نحن معشر الطيور منذ أن خلقنا الله نطير ونتنقل عبر
الغابات، والبحار، والجبال، والوديان، والأنهار، لم نعرف في عمرنا القيود
إلا إذا حبسنا الإنسان في قفص، وطننا هذا الفضاء الكبير، والكون كله لنا،
الكون بالنسبة لنا خفقة جناح! ردّ الأوّل: أنا أفهم كلّ ذلك، أو تظنّني
صغيراً إلى هذا الحدّ؟ أنا أريد هويّةً، وعنواناً، ووطناً، وأظنّك لن تفهم
ما أريد. تلفّت العصفور الثّاني فرأى سحابةً سوداء تقترب بسرعة نحوهما،
فصاح محذّراً: هيا، هيا، لننطلق قبل أن تدركنا العواصف والأمطار، أضعنا من
الوقت ما فيه الكفاية. قال الأوّل ببرود: اسمعني، ما رأيك لو نستقرّ في هذه
الشّجرة، إنّها تبدو قويّةً وصلبةً لا تتزعزع أمام العواصف؟ ردّ الثّاني
بحزم: يكفي أحلاماً لا معنى لها، سوف أنطلق وأتركك. بدأ العصفوران
يتشاجران، وشعرت الشّجرة بالضّيق منهما، فهزّت الشّجرة أغصانها بقوة، فهدرت
مثل العاصفة، خاف العصفوران خوفاً شديداً، بسط كلّ واحد منهما جناحيه،
وانطلقا مثل السّهم مذعورين ليلحقا بسربهما.
تعليقات
إرسال تعليق